|
|
الإستراتيجية الراسخةحسن عبدالله الغسية
الإستراتيجية كلمة براقة ساطعة اللمعان فاتنة للجنان … ضعها في كل مكان من زوايا البيان فسترى لها بهرجا قشيبا و دلالة لا توزن بالميزان أو كما يقول الأمريكان هي [Buzz word] . و لعل لها من لفظها نصيب فهي تبز أقرانها من الكلمات حتى لا يكاد يخلو حديث متحدث منها .. حتى و إن ادخلت قسرا أو حشيت حشوا في ثنايا الكلام ... هذا هو وضعها و قدرها في مجال الخطاب و الرقصة الإعلامية أما قدرها و نصيبها في المؤسسات و الشركات فلا يعدو حبرا على ورق أ و مصطلحا دخيلا .. و إنك لتعجب من أقوام وصلوا إلي صياغة الإستراتيجيات و تنفيذها بمهارة فائقة و أقوام لا يقدرون على التخطيط حتى لبيوتهم الصغيرة... يقول الدكتور بايرون برسل وهو أحد أساتذة الإستراتيجية في جامعة أريزونا : بأن مجموعة من مدراء الشركات كانوا في مؤتمر لهم و بينما هم في استراحة المؤتمر يتحدثون و يشربون الشاي و القاعة تغص بأحاديثهم إذ بأحدهم يقول بأننا في شركتنا لا نملك استراتيجية و فجأة هدأت القاعة و اكتنفها السكون ليردوا جميعا عن بكرة أبيهم متعجبين : ماذا ؟ .... و يتحدث الدكتور معلقا على الحادثة بأنهم قوم يرون خللا و عيبا في الشركة التي ليس لها استراتيجية واضحة .. و لقد غلب علينا فهم قاصر للتخطيط و الإستراتيجية مفاده بأن من يخطط و ينتهج الاستراتيجية إنما يتنبأ بالمستقبل الذي هو في علم الله و الحقيقة أن الذي يخطط باستراتجية يحرص على أن يهيأ الأجواء لمستقبل يستطيع أن يحقق فيه أهدافه... فالإسترابيجية الراسخة هي تلك التي تتلمس مواطن القوة و مواطن الضعف و تبصر خصائص التميز و التفوق و تستشف عوائق المستقبل و نجاحاته . و ذلك التلمس و التبصر و الإستشفاف كلها طرق تحليلية لواقع المؤسسة من حيث عافيتها و علتها. و أهم خصائص التفكير الإستراتيجي الراسخ هو قول أحدهم :[ كان بعيد مسافة الرأي ، يرمي بهمته حيث أشار الكرم ] و لن يكون بعيد مسافة الرأي من لم تكن له بصيرة و فراسة بخصائص التميز و التفوق في صناعته و صنعته؛ أما صناعته فهي البيئة التي يتنافس فيها مع الآخرين و أما صنعته فهي ما يتقنه و ما يقدمه للناس. و لن يرمي بهمته حيث أشار الكرم من كان مقلدا للغير مباعدا للاجتهاد و التجديد .. و نحن اليوم نشهد تسابقا غيرمعهود من قبل شركاتنا و مؤسساتنا على البروز و الظهور بمظهر استراتيجي ساعد على انتشاره عصر الإنترنت أو ما يسمى بالإقتصاد الجديد .. و هذه الظاهرة قد يفسرها البعض بأنها تقليد للمواقع الأجنبية التي أصبح سمة من سماتها تدوين رؤيتها و رسالتها على صفحاتها الأولى . و هي لا شك ظاهرة تمهد لترسيخ البعد و التفكير الإستراتيجي في جميع أوجه صناعاتنا و اقتصادنا و بيئتنا العملية . و قد يتساءل البعض : ما هي الرؤية الأنسب و الأصوب من حيث متانة الصياغة و قوة التأثير و التي تهيأ لبروز تلك الإستراتيجية الراسخة ؟ إن ما يميز الرؤية التي تحوز على التأثير و الفاعلية من غيرها هو أنه إذا قرأها أفراد المؤسسة يشعرون بحماس ينساب في أعماقهم قائلا لهم :\" حقا أريد أن أقوم بذلك \". و حالنا مع الإستراتيجية هو كالمثل القائل : تسمع بالمعيدي خير من أن تراه . فالبعض يظن بأنه فقه الاستراتيجية و عرفها وأتقنها و خبرها و لكنه عندما يخوض في معمعة الاستراتيجية يتبين له بأن ما حازه انما هو اطلاع عن بعد. فمهما اطلعنا على كتب الإستراتيجية فلا يغنينا ذلك عن الممارسة العملية لمؤسساتنا والتي فيها تدريب عملي وواقعي و ترسيخ للهم اليومي و المسؤولية الجماعية لفريق العمل . فإذا توفر لإستراتيجيتنا الهدف الذي لا يمكن الإستغناء عنه و الرؤية القائدة التي تقود المؤسسة لغايتها المطلوبة و المرجوة كنجمة في عليائها ينظر إليها الأعرابي وفي سيره يهتدي بها إلي واحة أو قرية قريبة و توفرت الوسائل العملية لتنفيذ الاستراتيجية ، يبقى الشرط الأساس هو توفر بيئة التنافس و التسابق و التي هي الركيزة الدافعة لترسيخ الإستراتيجية في أي صناعة كانت .
|
|
Send E-mail to
TSN@The-Saudi.Net with questions or
comments about The Saudi Network. We are Looking for Business Sponsorship or Marketing Partnership |